والله يهددهم ويوعدهم ويقول لهم: اكفروا بما أعطيناكم من النعمة والنجاة من البحر وتمتعوا.
٦ - جعل الله البيت الحرام مثابة للناس وأمنا:{وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً}[آل عمران ٩٧/ ٣] وتلك نعمة تستحق الشكر والحمد لله والإذعان له بالطاعة، لا سيما إذا قورنت مكة بما عليه أحوال أهل البلاد الأخرى المجاورة، حيث يقتل بعضهم بعضا، ويسبي بعضهم بعضا، ويغار بعضهم على بعض.
ولكن المشركين كما تقدم تتناقض أحوالهم، فهم بالشرك أو بإبليس يؤمنون وبنعمة الله وعطائه وإحسانه يكفرون ويجحدون.
٧ - لا أحد أظلم ممن جعل مع الله شريكا وولدا، وإذا فعل فاحشة قال:
{وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها}[الأعراف ٢٨/ ٧] وكذّب بالقرآن أو بتوحيد الله، وأنكر رسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وعاقبتهم الثّواء في نار جهنم.
٨ - إن المجاهدين جهادا عاما في دين الله وطلب مرضاته يوفقهم ربهم إلى سبل الخير والسعادة في الدنيا والآخرة. قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله:«إنما قصّر بنا عن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمنا، ولو عملنا ببعض ما علمنا، لأورثنا علما لا تقوم به أبداننا» قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ}[البقرة ٢٨٢/ ٢].
قال ابن عطية في آية:{وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا}: هي قبل الجهاد العرفي، وإنما هو جهاد عام في دين الله وطلب مرضاته.
وقال أبو سليمان الداراني: ليس الجهاد في الآية قتال الكفار فقط، بل هو نصر الدين، والرد على المبطلين، وقمع الظالمين، وعظمه: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنه مجاهدة النفوس في طاعة الله، وهو الجهاد الأكبر.