الرجال، وتقوية الروابط بينهما بالمودة والمحبة والرحمة والرأفة لدلالة على الخالق الموجد والنعم المتفضل لمن تأمل وفكر في أسباب الحياة، وتحقيق النتائج، وبناء الروابط على وفق الحكمة والمصلحة، والنظام البديع.
فأبونا من تراب، وذريته من ماء، والماء من الدم، والدم من الغذاء، والغذاء من النبات وخواص الأرض وكنوزها، ثم جعل الرابطة الزوجية بين الجنسين من تكوين واحد، وطباع واحدة، وغرائز متحدة، ليتحقق السكن إلى المرأة، ويتوافر الميل إليها، ويحدث الهدوء النفسي معها؛ فإن النفس ميالة إلى ما يلائمها، وينسجم معها في الأغراض، نافرة مما يناقضها ويعاكسها في الجملة.
ثم ذكر الله تعالى أدلة أخرى على وجوده وربوبيته وتوحيده وقدرته من الكون العظيم وعظمة تكوين الإنسان، فقال:
{وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ} أي ومن آياته تعالى الدالة على قدرته العظيمة ووجوده: خلقه السموات المرتفعة بدون عمد، المزينة بالكواكب والنجوم الثوابت والسيارات، وخلق الأرض بطبقاتها المترعة بالكنوز والمعادن والخيرات، المثبّتة بالجبال، المشتملة على الوديان والقفار، والبحار، والحيوان، والأشجار.
ولم يكن ذلك الكون فارغا من المخلوقات، وإنما أوجد فيه الأنس بالناس ذوي الجنسيات المتعددة، واللغات المختلفة، والألوان المتنوعة، والأصوات المتميزة، والسمات والهيئات والتقاطيع المتفاوتة كاختلاف البصمات وغير ذلك من حسن وجمال، وقبح وتفاوت بالرغم من كونهم من أصل واحد وأب واحد وأم واحدة. قال الله تعالى:{بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ}[القيامة ٤/ ٧٥].