لقوله صلّى الله عليه وسلّم للسائل حين سأله:«ما يحلّ لي من امرأتي وهي حائض؟» فقال:
«لتشدّ عليها إزارها، ثم شأنك (١) بأعلاها».
وقوله عليه الصلاة والسلام لعائشة:«شدّي على نفسك إزارك، ثم عودي إلى مضجعك»،
وقالت عائشة:«كانت إحدانا إذا كانت حائضا أمرها النّبي صلّى الله عليه وسلّم أن تأتزر، ثم يباشرها».
ودلّت آية {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ} على حرمة الجماع في الحيض حتى الطهر، وللعلماء في ذلك آراء ثلاثة:
١ - قال أبو حنيفة: يجوز أن تؤتى المرأة إذا انقطع دم الحيض ولو لم تغتسل بالماء، فإن انقطع دمها لأقل الحيض لم تحلّ حتى يمضي وقت صلاة كامل، وإذا انقطع دمها لأكثر الحيض، حلّت حينئذ.
٢ - قال الجمهور: لا تحلّ حتى ينقطع الحيض، وتغتسل بالماء غسل الجنابة.
٣ - قال طاوس ومجاهد: يكفي في حلّها أن تتوضأ للصلاة.
وسبب الخلاف:{حَتّى يَطْهُرْنَ، فَإِذا تَطَهَّرْنَ}: حمل أبو حنيفة الفعل الأول على انقطاع دم الحيض، والثاني على المعنى نفسه، أي فإذا انقطع دم الحيض، فاستعمل الفعل المشدد بمعنى المخفف. وقال الجمهور بالعكس، أي إنهم استعملوا المخفف بمعنى المشدد، والمراد: ولا تقربوهن حتى يغتسلن بالماء، فإذا اغتسلن فأتوهن، بدليل قراءة:{حَتّى يَطْهُرْنَ} بالتشديد، وبدليل قوله:
{وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}.
وللعلماء رأيان فيما يجب على من وطأ الحائض: فقال الجمهور: يستغفر الله ولا شيء عليه، لأن الحديث مضطرب عن ابن عباس، وإن مثله لا تقوم به