المؤمن، فإن عذاب المؤمن للتطهير، فهو غير مهين، وأما عذاب الكافر فهو في غاية الإهانة، فكما استهان بآيات الله وسبيله أهين يوم القيامة في العذاب الدائم المستمر.
وقوله {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} بضم الياء معناه لمخالفة الإسلام وأهله ومعاداتهم، واللام لام التعليل، أي ارتكب هذا الفعل من أجل الإضلال والصد عن سبيل الله. وعلى قراءة فتح الياء تكون اللام لام العاقبة، أي لتكون عاقبة أمره الإضلال، واتخاذ آيات الله هزوا وسخرية.
ثم وصف الله تعالى هؤلاء المضلين بالإمعان في الضلال والكفر، وازدياد الإعراض والنفور عن دين الله، فقال:
{وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلّى مُسْتَكْبِراً، كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها، كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً، فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} أي إن من يشتري الحديث الباطل إذا تليت عليه آيات القرآن أدبر وأعرض عنها متكبرا، وتصامم عن سماعها، وإن لم يكن به صمم، كأنه ما سمعها، وكأن في أذنيه صمما وثقلا؛ لأنه يتأذى بها، ولا ينتفع منها، ولا أرب له فيها، فبشر هذا المعرض بعذاب يؤلمه يوم القيامة، كما تألم بسماع كتاب الله وآياته.
وبعد بيان حال هؤلاء الأشقياء، ذكر الله تعالى مآل الأبرار السعداء في الدار الآخرة، فقال:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ جَنّاتُ النَّعِيمِ، خالِدِينَ فِيها، وَعْدَ اللهِ حَقًّا، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أي إن الذين آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين، وعملوا الأعمال الصالحة من الائتمار بالأوامر الشرعية، واجتناب المحظورات والمناهي، لهم جنات يتنعمون فيها بأنواع الملاذ والمسارّ من المآكل والمشارب، والملابس والمساكن، والمراكب وغير ذلك من المتع مما لم يخطر لأحدهم ببال، وهم