للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى العمل بالعلم والفهم، وشكر الله وحمده على نعمه وأفضاله، وحب الخير للناس، واستعمال الأعضاء فيما خلقت له من الخير والنفع.

وهذا دليل على أن لقمان الحكيم هداه الله إلى المعرفة الصحيحة، من غير طريق النبوة.

ومن يشكر الله على ما منحه وأعطاه ربه، فيطيعه ويؤدي فرضه، فإنما يحقق النفع والثواب لنفسه، وينقذها من العذاب، كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ، وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها} [فصلت ٤٦/ ٤١] وقال عز وجل: {وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الروم ٤٤/ ٣٠].

ومن جحد نعمة الله عليه، فأشرك به غيره، وعصى أوامره، فإنه يسيء إلى نفسه، ولا يضر ربّه، فإن الله غني عن العباد وشكرهم، لا يتضرر بذلك، فلا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، وهو المحمود في السماء والأرض بلسان الحال أو المقال، وإن لم يحمده أحد من الناس.

ثم ذكر تعالى وصية لقمان (وهو كما ذكر ابن كثير لقمان بن عنقاء بن سدون) لابنه (وهو ثاران في قول السهيلي والطبري والقتبي) فقال:

{وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لاِبْنِهِ، وَهُوَ يَعِظُهُ: يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ، إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} واذكر حين أوصى لقمان ابنه بوصية أو موعظة، حرصا عليه؛ لأن الأب يحب ابنه وهو أشفق الناس عليه، فقال له: يا ولدي، اعبد الله ولا تشرك به شيئا، فإن الشرك أعظم الظلم، أما إنه ظلم فلكونه وضع الشيء في غير موضعه، وأما كونه أعظم الظلم فلتعلقه بأصل الاعتقاد وتسويته بين الخالق والمخلوق، وبين المنعم وحده وبين غير المنعم أصلا، وهي الأصنام والأوثان.


(١) ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة: لقمان الحكيم، والنجاشي، وبلال المؤذن» قال الطبراني: أراد الحبش (تفسير ابن كثير: ٤٤٧/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>