سبعة أبحر موجودة محيطة بالعالم، والعرب تذكر السبعة والسبعين والسبع مائة، وتريد بذلك الكثرة.
والخلاصة: أن الآية تخبر عن عظمة الله وكبريائه وجلاله وكلماته التامة ومعلوماته وأسراره التي لا يحيط بها أحد، ولا اطلاع لبشر على كنهها وإحصائها، كما
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«سبحانك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» فمعلوماته تعالى لا نهاية لها. ويكون المراد بكلمات الله:
معلوماته، وقيل: هي ما في المعدوم، دون ما خرج من العدم إلى الوجود (١).
ونظير الآية:{قُلْ: لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي، لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي، وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً}[الكهف ١٠٩/ ١٨] وليس المراد بقوله: {بِمِثْلِهِ} آخر مثل فقط، بل بأمثاله، لأنه مفرد مضاف فيعم، كما أن {كَلِماتُ} وإن كانت جمع قلة، تفيد هنا الكثرة، لأن جموع القلة إذا تعرفت بالألف واللام غير العهدية، أو أضيفت، عمّت، وصارت لا تخص القليل، والعام مستغرق جميع أفراده.
ولما بيّن الله تعالى كمال قدرته وعلمه وأن كلماته ومعلوماته لا يحيط بها أحد، أوضح أن هذا الخلق غير المنحصر قد أحاط به علما، وأنه قادر على البعث والمحشر كما قدر على الخلق أول مرة، فقال:
{ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ، إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} أي ما خلق جميع الناس وبعثهم يوم المعاد بالنسبة إلى قدرته إلا كسبة خلق نفس واحدة، الجميع هيّن عليه، كما قال:{إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ}[يس ٨٢/ ٣٦] وقال تعالى أيضا: {وَما أَمْرُنا إِلاّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}[القمر ٥٠/ ٥٤] أي لا يأمر بالشيء إلا مرة واحدة، فيكون ذلك الشيء، لا يحتاج