الكفار عن ميعاد وقوع بأس الله وعذابه بهم استبعادا وتكذيبا وعنادا، قائلين:
متى تنتصر علينا يا محمد، ومتى ينتقم الله لك منا، وأنت وصحبك ما نراكم إلا مختفين خائفين ذليلين؟ إن كنتم صادقين في تهديدكم ووعيدكم على الكفر وعبادة الأوثان.
فأجابهم الله تعالى موبخا لهم:
{قُلْ: يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ، وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} أي قل أيها الرسول لهؤلاء المكذبين برسالتك: إن يوم الحكم الفاصل والقضاء والفصل النافذ هو يوم القيامة الذي لا ينفع فيه إيمان الكافر ولا توبته، ولا هم يؤخرون فيه بالإعادة إلى الدنيا للتوبة والإيمان وإصلاح العمل؛ لأن الإيمان المقبول هو الذي يكون في دار الدنيا، فلا تستعجلوه، فهو كائن حتما.
{فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} أي أعرض أيها الرسول عن هؤلاء المشركين، ولا تبال بتكذيبهم، وتابع تبليغ ما أنزل إليك من ربك، وانتظر النصر من الله الذي وعدك به، فإن الله سينجز لك ما وعدك، وسينصرك على من خالفك، إنه لا يخلف الميعاد.
إنك أنت منتظر نصر الله، وهم منتظرون الغلبة عليك والموت أو القتل، كما قال تعالى:{أَمْ يَقُولُونَ: شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ}[الطور ٣٠/ ٥٢] وسترى أنت عاقبة صبرك عليهم وعلى أداء رسالة ربك، وسيجدون سوء ما ينتظرونه فيك من عقاب الله بهم وتعذيبه إياهم في الدنيا والآخرة، وما علموا أن الله عاصمك منهم ومؤيدك بنصره.