بالزوجة، وإن لم يفيئوا في هذه الأشهر، واستمروا في أيمانهم، كان ذلك عزما منهم على الطلاق، ويقع الطلاق بحكم الشرع. ويكون معنى:{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ} أي بترك الفيئة، وقد شبهوا مدة الإيلاء بالعدة. والمولى عنها بالرجعية، وشبهوا الطلاق بالطلاق الرجعي. وكان الإيلاء في الجاهلية طلاقا، فأقره الشرع طلاقا، وزاد فيه الأجل.
والمعنى عند الجمهور: للذين يحلفون يمين الإيلاء انتظار أربعة أشهر، فإن فاءوا بعد انقضاء المدة، فإن الله غفور رحيم، وإن قصدوا إيقاع الطلاق، فإن الله سميع لطلاقهم، عليم بما يصدر عنهم من خير أو شرّ، فيجازيهم عليه. وقد شبهوا أجل الإيلاء بالأجل الذي يحدد في العنّه (العجز الجنسي)، لأن الإيلاء ضرر بالزوجة، فإن رفعه الزوج وإلا رفعه الشرع كما في أي ضرر يتعلق بالوط ء، وهذا هو الظاهر، لأن قوله:{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ} دليل على أنها لا تطلق بمضي أربعة أشهر، ما لم يقع إنشاء تطليق بعد المدة (١).
ولا فرق في لزوم الإيلاء بين المرأة المدخول بها وغير المدخول بها.
ولا يشترط في المولي عند الجمهور: أن يكون مسلما، فيصح إيلاء المسلم والكافر، ولكن لا تلزمه الكفارة بالحنث عند الحنفية، وتلزمه الكفارة في رأي الشافعية والحنابلة. واشترط المالكية أن يكون المولي مسلما، فلا يصح إيلاء الذّمي، كما لا يصحّ ظهاره ولا طلاقه، لأن نكاح أهل الشرك لديهم غير صحيح، وإنما لهم شبهة يد، ولأنهم لا يكلفون الشرائع، حتى تلزمهم كفارات الأيمان، فلو ترافعوا إلينا في حكم الإيلاء، لم ينبغ لحاكمنا أن يحكم بينهم، ويذهبون إلى حكامهم، فإن جرى ذلك مجرى التظالم بينهم، حكم بحكم الإسلام، كما لو ترك المسلم وط ء زوجته، ضرارا من غير يمين.
(١) روى مالك والبخاري عن ابن عمر قال: «إذا آلى الرجل من امرأته، لم يقع عليه طلاق، وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف، فإما أن يطلق، وإما أن يفيء».