٢ - الأمر بالشيء نهي عن ضده، لذا منع الله سبحانه من طاعة الكافرين من أهل مكة ونحوهم والمنافقين من أهل المدينة وأمثالهم فيما نهى عنه، والتحذير من الميل إليهم، فإن الله عليم بكفرهم ونفاقهم، حكيم فيما يفعل بهم، والمقصود بذلك الاحتراس من مؤامراتهم ومكائدهم وخططهم المشبوهة.
والمراد بالكافرين من أهل مكة: أبو سفيان وأبو الأعور وعكرمة. والمراد بالمنافقين من أهل المدينة: عبد الله بن أبيّ، وطعمة بن أبيرق، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح.
٣ - ومن الواجب أيضا اتباع الوحي من قرآن وسنة، وفي ذلك زجر عن اتباع مراسم الجاهلية. وأمر بجهادهم ومنابذتهم، وفيه دليل على ترك اتباع الآراء مع وجود النص، فلا مساغ للاجتهاد في مورد النص. والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم ولأمته.
٤ - على المؤمن بعد اتخاذ الأسباب والوسائل أن يعتمد على الله في جميع أحواله، فهو الذي ينفع ويمنع، ولا يضر معه معارضة أحد من البشر أو مخالفته، وكفى بالله حافظا لجميع الأمور والأحوال.
والخلاصة: أن الله تعالى أراد بهذه الآيات غرس العزة والكرامة في نفوس المسلمين، والثقة بالذات، وعدم الالتفات إلى الأعداء، ومن أجل تحقيق تلك الغايات، قررت الآيات هذه الأحكام وهي أن الله عليم بالمصلحة والصواب، حكيم لا يأمر ولا ينهى إلا على وفق الحكمة والصواب، فالواجب الأول: امتثال الأمر وتنفيذ النهي، والواجب الثاني: اتباع وحي الله، فإن الله خبير بما يصلح أمور العباد، والواجب الثالث: التوكل على الله حقا، ومن يتوكل على الله فهو حسبه وكافيه، وكفى بالله وكيلا.