ما أصنع، قال أنس: فهاب أن يقول غيرها، فشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد، فاستقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه، فقال له أنس رضي الله عنه:
يا أبا عمرو، أين؟ واها لريح الجنة، إني لأجده دون أحد، فقاتلهم حتى قتل رضي الله عنه. فوجد في جسده بضع وثمانون بين ضربة وطعنة ورمية، فنزلت هذه الآية:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} الآية.
وذكر في الكشاف: نذر رجال من الصحابة أنهم إذا لقوا حربا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا، وهم عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وحمزة، ومصعب بن عمير وغيرهم رضي الله عنهم.
ثم ذكر تعالى علة ابتلاء المؤمنين وغيرهم وإيلامهم في الحرب، فقال:
{لِيَجْزِيَ اللهُ الصّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ، وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ، أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} أي إنما يختبر الله عباده بالخوف ولقاء الأعداء ليميز الخبيث من الطيب، ويظهر كل واحد منهما بالفعل، ويكافئ الصادقين في إيمانهم بصبرهم على ما عاهدوا الله عليه، وقيامهم به، ومحافظتهم عليه، وصدق ما وعدهم في الدنيا والآخرة كما صدقوا وعودهم، ويعذب المنافقين الذين كذبوا ونقضوا العهد وأخلفوا أوامره، فاستحقوا بذلك عقابه وعذابه.
والكل تحت مشيئة الله في الدنيا، إن شاء بقوا على ما هم عليه حتى يلقوه، فيعذبهم، وإن شاء تاب عليهم بأن أرشدهم إلى الإقلاع عن النفاق إلى الإيمان والعمل الصالح بعد الفسوق والعصيان، أي إن الهداية إلى الإيمان والتوبة بمراد الله ومشيئته.
ولما كانت رحمته ورأفته بخلقه هي الغالبة لغضبه قال: