رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قائلا:«إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تنهض إلى بني قريظة» فنهض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من فوره، وأمر الناس بالمسير إلى بني قريظة، وكانت على أميال من المدينة، وذلك بعد صلاة الظهر، وقال صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه الشيخان:«لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة» فسار الناس، فأدركتهم الصلاة في الطريق، فصلى بعضهم في الطريق، وقالوا: لم يرد منا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا تعجيل المسير، وقال آخرون: لا نصليها إلا في بني قريظة، فلم يعنّف واحدا من الفريقين.
وتبعهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد استخلف على المدينة ابن أمّ مكتوم رضي الله عنه، وأعطى الراية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم نازلهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وحاصرهم خمسا وعشرين ليلة، فلما طال عليهم الحال، نزلوا على حكم سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله عنه؛ لأنهم كانوا حلفاءهم في الجاهلية.
فلما جاء سعد
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«قوموا إلى سيدكم» فقام إليه المسلمون إعظاما وإكراما واحتراما له في محل ولايته، ليكون أنفذ لحكمه فيهم، فلما جلس قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«إن هؤلاء-وأشار إليهم-قد نزلوا على حكمك، فاحكم فيهم بما شئت».
فقال رضي الله عنه: وحكمي نافذ عليهم؟ قال صلّى الله عليه وسلّم:«نعم» قال: وعلى من في هذه الخيمة؟ قال:«نعم» قال: وعلى من هاهنا؟ وأشار إلى الجانب الذي فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو معرض بوجهه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إجلالا وإكراما وإعظاما، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«نعم».
فقال رضي الله عنه: إني أحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم وأموالهم، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لقد حكمت بحكم الله تعالى من فوق سبعة