الضرورية، وهذا هو حكم النّبي صلّى الله عليه وسلّم بين علي وفاطمة رضي الله عنهما، إذ جعل فاطمة في البيت تديره وترعاه، وعليّا كرّم الله وجهه خارج البيت يكافح ويبحث عن الرزق، ويجاهد في سبيل الله والحق، وفي سبيل أسرته.
ولا مانع من عمل المرأة خارج المنزل عند الحاجة بشرط التزام ما يقتضيه الدّين والخلق وعدم الخلوة، والسّتر المطلوب شرعا، فكل المرأة عورة ما عدا الوجه والكفين، لكنهما مما يجب غضّ البصر عنهما كباقي جسد المرأة (١)، كما يشترط أن تكون المرأة في العمل حرّة أبية لا تلين في الكلام، لقوله تعالى:
وأما عدم التقيد بالقيود الشرعية لعمل المرأة فيؤدي إلى كثير من المفاسد والفتن، ولتكن المرأة متيقظة دائما، فإنه لا يراد بمحادثتها غالبا إلا السوء، وجعلها أداة تسلية ومتعة.
وما أروع ما ختمت به الآية من التذكير بعزة الله وقدرته التي لا تغلب، وبحكمته بوضع الشيء في موضعه المناسب له، فهو حكيم الصنع والأمر والبيان، فمن عزته وحكمته: إنصاف المرأة بجعلها في الحقوق والواجبات كالرجل، بعد أن كانت كالمتاع لا تتمتع بالحقوق الكريمة، وإعطاء الرجل حق القوامة (الرياسة)، فلا يغترن بهذه الدرجة، فإذا دعته قدرته إلى ظلم المرأة أو غيرها، فليذكر قدرة الله عليه، وليكن الرجل حكيم القيادة، متحملا لمهام المسؤولية الملقاة على عاتقه، بكل ثقة وأمانة وجرأة وعدالة فلا يتساهل في حكم شرعي، لأنه راع، وكل راع مسئول عن رعيته، ولا يفرط في واجب عند القدرة، ولا يغمط أحدا في الأسرة حقه، لأن الله سائله عما يعمل. وفي هذا من الوعيد لمن خالف أحكام الله تعالى.
(١) إلا في حدود ما تتطلبه المعاملة، أو تقتضيه الضرورة كالعلاج والتعلّم والشهادة أمام القضاء.