قال القرطبي: ويحتمل أن يحمل على الإيجاب في أمور الدين، وعلى الاستحباب في أمور الدنيا.
١٤ - موقف المؤمنين نقيض موقف المنافقين، فهم مصدقون واثقون بوعد الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، ولم تزدهم المحنة والابتلاء والنظر إلى الأحزاب إلا إيمانا بالله وتسليما للقضاء.
١٥ - التجسس على الأعداء أمر جائز شرعا،
فقد أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم حذيفة بن اليمان بأن يتعرف أخبار الأحزاب وانصرافهم عن المدينة، قائلا له:«انطلق حتى تدخل في القوم، فتسمع كلامهم، وتأتيني بخبرهم، اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله حتى تردّه إلي، انطلق ولا تحدث شيئا حتى تأتيني».
والدعاء لله تعالى مطلوب في أي وقت ولأي حاجة، وبخاصة وقت الشدة،
فقد انطلق حذيفة بسلاحه، ورفع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يده يقول:«يا صريخ المكروبين، ويا مجيب المضطرين، اكشف همّي وغمّي وكربي، فقد ترى حالي وحال أصحابي».
فنزل جبريل وقال:«إن الله قد سمع دعوتك، وكفاك هول عدوك» فخرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ركبتيه، وبسط يديه، وأرخى عينيه، وهو يقول:
«شكرا شكرا كما رحمتني، ورحمت أصحابي». وأخبره جبريل أن الله تعالى مرسل عليهم ريحا؛ فبشر أصحابه بذلك.
١٦ - تتلاحق مواكب الشهداء وتتوالى على درب الجهاد في سبيل الله، فمنهم من يستشهد في معركة، ومنهم من ينتظر أجله في معركة أخرى، وهذا أمارة الخير، ودليل على استدامة الكفاح والإخلاص جيلا بعد جيل.