للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نضاعف لها الأجر والثواب مرتين، لكونها من أهل بيت النبوة ومنزل الوحي، وأعددنا لها زيادة على هذا رزقا كريما في الآخرة والجنة، لا عيب ولا نقص فيه ولا منّة لأحد ويأتي بنفسه، على عكس رزق الدنيا المشوب بالعيوب والنقائص والمنة ويتوقف على الغير الذي يمسكه ويرسله بواسطة إلى غيره، ولأجل هذا لا يوصف في الدنيا بالكريم وصفا حقيقيا كاملا إلا الرزاق، وفي الآخرة يوصف بالكريم الرزق نفسه.

ويلاحظ‍ أنه تعالى عبّر هنا عند إيتاء الأجر بقوله {نُؤْتِها} للتصريح بالمؤتي وهو الله، وفي الآية السابقة عبر عند العذاب بقوله {يُضاعَفْ} فلم يصرح بالمعذّب، إشارة إلى كمال الرحمة والكرم، ولأن الكريم عند النفع يظهر نفسه وفعله، وعند الضرّ لا يذكر نفسه (١).

٢ - امتيازهن على سائر النساء: {يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ} أي يا زوجات النبي ليس لكنّ شبيه في جماعة النساء في الفضل والمنزلة والشرف والكرامة، لكونكن أمهات جميع المؤمنين، وزوجات خير المرسلين، ونزول القرآن في بيتكن وفي حقكن. وهذا التعبير كقولهم: ليس فلان كآحاد الناس، ومعناه أن فيه وصفا أخص ومزية وفضيلة لا توجد في غيره. ونساء النبي كذلك، وشرفهن مستمد من سمو منزلة النبي صلّى الله عليه وسلّم القائل في

الحديث المتفق عليه:

«لست كأحدهم».

٣ - النهي عن لين الكلام: {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ، فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ، وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} أي إن أردتن التقوى أو كنتن متقيات (٢) مخالفة حكم الله تعالى ورضا رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فلا تلنّ الكلام ولا ترققنّه عند محادثة الرجال، وليكن كلامكن بجد وحزم وقوة، حتى لا يطمع في الخيانة من في قلبه


(١) تفسير الرازي: ٢٠٨/ ٢٥
(٢) الكشاف: ٥٣٧/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>