والعدة في رأي عمر وعلي وابن مسعود، والحنفية، والحنابلة بمقتضى الرواية الأخيرة عن أحمد أو في أصح الروايتين: ثلاث حيضات، لأن عدة الأمة اتفاقا بالحيضة،
لقوله صلّى الله عليه وسلّم:«طلاق الأمة تطليقتان، وعدتها حيضتان» فتقاس الحرة على الأمة، ولأن الذي يدل على براءة الرحم، إنما هو الحيض لا الطهر.
ورجح هذا الرأي من جهة المعنى.
وتظهر فائدة الخلاف في حالة ما إذا طلقها في أثناء الطهر، فعلى الرأي الأول يحتسب من العدة وتنتهي بمجيء الحيضة الثالثة، وعلى الرأي الثاني:
لا يحتسب من العدة، ولا تنتهي إلا بانقضاء الحيضة الثالثة.
وعلى كلا الرأيين: المرأة مؤتمنة على ما في رحمها من حمل أو حيض، يقبل قولها فيه، لأنه لا يعلم إلا من قبلها. وإنما حرم الله أن يكتمن ما في أرحامهن، لأنه يتعلق بخبرها حق الرجل في الرجعة، وعدم اختلاط الأنساب. فإذا ادعت انتهاء عدتها، حرمت الرجل من حقه في الرجعة، وإذا كانت حاملا وادعت انقضاء العدة، ثم تزوجت بآخر، اختلطت الأنساب.
واختلف الفقهاء في أقل ما تصدق فيه المعتدة بالأقراء:
فقال أبو حنيفة: أقل ما تصدق فيه الحرة: ستون يوما، عملا بالوسط في مدة الحيض، وهو خمسة أيام، فتكون الحيضات الثلاث خمسة عشر يوما، والأطهار خمسة وأربعين يوما، على أن يبدأ بالطهر، فيكون المجموع ستين يوما.
وأقل مدة عند المالكية تنقضي بها العدة بالأقراء (الأطهار) شهر: ثلاثون يوما، بأن يطلقها زوجها في أول ليلة من الشهر، وهي طاهرة، ثم تحيض، وينقطع عنها الحيض قبل الفجر، لأن أقل الحيض عندهم يوم، أو بعض يوم