ونظير الآية في وصف المؤمنين:{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ}[آل عمران ١٩١/ ٣].
وقرن التسبيح بالذكر معناه: إذا ذكرتم الله تعالى، فينبغي أن يكون ذكركم إياه على وجه التعظيم والتنزيه عن كل سوء، وهو المراد بالتسبيح.
ثم حرّض تعالى على الذكر والتسبيح وأبان سببه فقال:
{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ، وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} أي إن الله ربكم الذي تذكرونه وتسبحونه هو الذي يرحمكم، وملائكته تستغفر لكم، وهو بهذه الرحمة يريد هدايتكم وإخراجكم من ظلمات الكفر والجهل والضلال إلى نور الحق والهدى والإيمان، وكان ربكم وما يزال رحيما تام الرحمة بعباده المؤمنين في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا: فإنه هداهم إلى الحق الذي جهله غيرهم، وبصّرهم الطريق الذي حاد عنه سواهم من الدعاة إلى الكفر أو البدعة وأتباعهم، وأما في الآخرة: فآمنهم من الفزع الأكبر، وأمر ملائكته أن يتلقوهم بالبشارة بالفوز بالجنة والنجاة من النار، وما ذاك إلا لمحبته لهم ورأفته بهم.
ومن مظاهر رحمته تعالى
ما ورد في صحيح الإمام البخاري عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى امرأة من السبي قد أخذت صبيا لها، فألصقته إلى صدرها وأرضعته، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«أترون هذه تلقي ولدها في النار، وهي تقدر على ذلك؟ قالوا: لا، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
فو الله الله أرحم بعباده من هذه بولدها».
ثم ذكر تعالى دليل رحمته الشامل في الآخرة وعنايته فيها بعد بيان عنايته في الدنيا، فقال: