وإنما شبّه بالسراج لا بالشمس التي هي أشد إضاءة من السراج؛ لأن ضوء الشمس يبهر العين، وأما ضوء السراج فترتاح له الأعين.
ووصف السراج بالإنارة؛ لأن بعض السرج لا يضيء لضعفه ودقة فتيلته.
٦ - {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً} أي أعلن البشارة لكل من آمن برسالتك وأطاع شرعك بأن لهم فضلا كبيرا على سائر الأمم، وأجرا عظيما لا يوصف في الدار الآخرة، وبعد البشارة أتى بالإنذار، فقال:
٧ - {وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ، وَدَعْ أَذاهُمْ، وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ، وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً} أي لا تطع هؤلاء الذي كفروا برسالتك، أو نافقوا فأظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، ولا تسمع منهم اعتراضا أو نقدا في أمر الدعوة، ولا تأبه بهم، وبلّغ رسالة ربك إلى الناس قاطبة، ودع عنك أذاهم، واصفح عنهم، وتجاوز عن سيئاتهم، وامض لما أمرك به ربك، وفوّض أمرك إلى الله تعالى في كل ما تعمل وتذر، وثق به، فإن فيه كفاية لهم، وهو حافظك وراعيك، وكفى بالله كافيا عبده. والوكيل: الحافظ القائم على الأمر. وفي هذا الكلام القوي وعد بالنصر.
وبعد بيان مهمات النبي صلّى الله عليه وسلّم، عاد الكلام إلى قضايا الأزواج، فلما ذكر تعالى قصة زيد وزينب وتطليقه إياها، وكانت مدخولا بها، واعتدت، وخطبها الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد انقضاء عدتها، بيّن حال من طلقت قبل الدخول (المسيس) وأنها لا عدة عليها، فقال:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ، فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها، فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً} أي يا أيها الذين صدقوا بالله ورسوله، إذا عقدتم عقد النكاح على النساء المؤمنات، ثم أوقعتم الطلاق عليهن من قبل الدخول بهن، فلا عدّة لكم عليهن بأيام تستوفون