على أن الهبة لا تتم إلا بقبول النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإن قبل حلّت له، وإن لم يقبلها لم يلزم ذلك، كما إذا وهبت شيئا لرجل، فلا يجب عليه القبول.
وقوله تعالى:{خالِصَةً لَكَ} دليل على أن انعقاد النكاح بلفظ الهبة من خصوصيات النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأن الهبة لا تحلّ لأحد بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم إن كانت هبة نكاح، ولا يحلّ للمرأة أن تهب نفسها لأحد، وهذا قول جمهور العلماء.
وقال الحنفية والمالكية: ينعقد النكاح لغير النبي صلّى الله عليه وسلّم بلفظ الهبة، ويكون للمرأة ما سمي من المهر في العقد، ومهر المثل إن لم يسمّ شيء، وللمفوضة طلب المهر قبل الدخول، ومهر المثل بعد الدخول.
ومنشأ الخلاف هو في معنى قوله تعالى:{خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} فذهب جماعة إلى أن الخصوصية في انعقاد النكاح بلفظ الهبة للنبي صلّى الله عليه وسلّم، لقوله تعالى:{لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} وقوله: {إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها} وقوله سبحانه: {إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ}. وهذا رأي الجمهور.
وذهب آخرون إلى أن الخصوصية الواردة في الآية هي في نكاح الواهبة بغير مهر، أما عقد النكاح بلفظ الهبة فكان جائزا للنبي صلّى الله عليه وسلّم وأمته على السواء، أي إن الخصوصية في المعنى دون اللفظ، لأن الله تعالى أضاف لفظ الهبة إلى المرأة بقوله:{وَهَبَتْ} وأضاف إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم إرادة الاستنكاح، فدلت المخالفة على أن المراد مدلول اللفظ الذي من جانب المرأة، وهو ما يدل عليه لفظ الهبة من ترك العوض.
٣ - ذكر ابن العربي والقرطبي (١) بمناسبة هذه الخصوصية ما خصّ الله تعالى به