وأخرج الطبراني بسند صحيح عن عائشة قالت: كنت آكل مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في قعب، فمرّ عمر، فدعاه، فأكل، فأصابت أصبعه أصبعي، فقال: أوّه لو أطاع فيكنّ، ما رأتكنّ عين، فنزلت آية الحجاب. وفي رواية البخاري: أن عمر رضي الله عنه قال: يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فنزلت.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: دخل رجل على النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأطال الجلوس، فخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم ثلاث مرات ليخرج، فلم يفعل، فدخل عمر، فرأى الكراهية في وجهه، فقال للرجل: لعلك آذيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: لقد قمت ثلاثا لكي يتبعني فلم يفعل، فقال له عمر: يا رسول الله، لو اتخذت حجابا، فإن نساءك لسن كسائر النساء، وذلك أطهر لقلوبهن، فنزلت آية الحجاب.
وفي رواية:«بقي ثلاثة نفر يتحدثون، فأطالوا».
قال الحافظ ابن حجر: يمكن الجمع بأن ذلك وقع قبل قصة زينب، فلقربه منها أطلق نزول آية الحجاب بهذا السبب، ولا مانع من تعدد الأسباب.
قوله تعالى:{وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا، فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا}: قال البيضاوي: الآية خطاب لقوم كانوا يتحينون طعام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فيدخلون ويقعدون، منتظرين لإدراكه، مخصوصة بهم وبأمثالهم، وإلا لما جاز لأحد أن يدخل بيوته بالإذن لغير الطعام، ولا اللبث بعد الطعام لمهمّ. أخرج عبد بن حميد عن أنس قال: كانوا يتحينون فيدخلون بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، فيجلسون فيتحدثون ليدرك الطعام، فأنزل الله:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا.}. الآية.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: حسبك في الثقلاء أن الله تعالى لم يحتملهم، وقال:{فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} وأخرج ابن أبي حاتم عن سليمان بن أرقم قال: نزلت هذه في الثقلاء، ومن ثم قيل: هي آية الثقلاء.