رواه أحمد والشيخان والترمذي عن عقبة بن عامر:«إياكم والدخول على النساء». وعلل تعالى طلب مغادرة البيوت بعد الطعام بقوله:
{إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ، وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} أي إن بقاءكم واشتغالكم بالحديث والدخول قبل نضج الطعام كان يؤذي النبي-وإيذاؤه حرام-ويشق عليه، لمنعه من قضاء بعض حاجته، ولما فيه من المضايقة لأهل البيت، ولكن كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يكره أن ينهاهم عن ذلك من شدة حيائه صلّى الله عليه وسلّم، حتى أنزل الله عليه النهي عن ذلك، والله لا يترك بيان الحق وهو الأمر بالخروج ومنعهم من البقاء والمكث. وهذا أدب عام لا يقتصر على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإنما يشمل سائر المؤمنين. ويحرم اللبث إذا كان فيه إيذاء لصاحب البيت.
وقد نصت آيات سورة النور [٢٧ - ٣١] على بيوت المؤمنين وآية الأحزاب [٥٩] في حجاب نسائهم في قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ}.
٣ - {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ} أي وكما نهيتكم عن الدخول إلى بيوت النبي صلّى الله عليه وسلّم من غير إذن ودون انتظار إدراك الطعام، كذلك نهيتكم عن النظر إلى زوجات النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإذا طلبتم منهن شيئا ينتفع به، من ماعون وغيره، فاطلبوه من وراء حجاب ساتر، وحائل مانع من النظر.
وسبب النهي عن ذلك، والأمر بالحجاب كما قال تعالى:
{ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} أي إن هذا الذي أمرتكم به وشرعته لكم من الدخول بالإذن، والخروج عقب الطعام دون الاستئناس بالحديث، والحجاب أطهر وأطيب للنفس، وأبعد عن الريبة والتهمة والفتنة، وأكثر طمأنينة للقلوب من الهواجس والوساوس الشيطانية.