والسكنى مدة حياتهن؛ لكونهن نساءه، وحرمن على غيره؛ وهذا هو معنى بقاء النكاح. وإنما جعل الموت في حقه صلّى الله عليه وسلّم لهن بمنزلة المغيب في حق غيره؛ لكونهن أزواجا له في الآخرة قطعا، بخلاف سائر الناس؛ لأن الرجل لا يعلم كونه مع أهله في دار واحدة، فربما كان أحدهما في الجنة والآخر في النار؛ فبهذا انقطع السبب في حق الخلق، وبقي في حق النبي صلّى الله عليه وسلّم؛
وقد قال صلّى الله عليه وسلّم:«زوجاتي في الدنيا هن زوجاتي في الآخرة»
وقال صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه الطبراني والحاكم والبيهقي عن عمر:«كل سبب ونسب ينقطع إلا سببي ونسبي، فإنه باق إلى يوم القيامة».
وأما النساء اللاتي فارقهن النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل الدخول، فالصحيح جواز نكاحهن لغيره، كالكلبية التي تزوجها عكرمة بن أبي جهل، وقيل: تزوجها الأشعث بن قيس الكندي، وقيل: إنه مهاجر بن أبي أمية.
١٤ - إن إيذاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو نكاح أزواجه من الذنوب الكبائر، ولا ذنب أعظم منه.
١٥ - الله تعالى عالم بكل ما بدا وما خفي، وما كان وما لم يكن، لا يخفى عليه ماض انقضى، ولا مستقبل آت، فهو سبحانه يعلم ما يخفيه الإنسان من المعتقدات والخواطر المكروهة ويجازيه عليها. والتذييل بهذه الآية توبيخ ووعيد لمن يضمر السوء في مخاطبة أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم وأزواج المؤمنين أيضا.
١٦ - استثنى الله تعالى من فرضية الحجاب على أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم الأقارب المحارم من النسب أو الرضاع، وهم الآباء والأبناء والإخوة وأبناء الإخوة وأبناء الأخوات والنساء المؤمنات، وهو رأي ابن عباس ومجاهد، وتكون إضافتهن إليهن باعتبار أنهن على دينهن، ويكون ذلك دليل احتجاب نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم من الكافرات.
ويرى بعضهم أن المراد منهن النساء القريبات، وتكون إضافتهن إليهن