للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة» وقال: «المختلعات هن المنافقات» (١).

ثم حرّم الله تعالى تحريما قاطعا تجاوز حدود الله التي حدها في العلاقات الزوجية وغيرها: وهي الأحكام المقررة المشتملة على الأوامر والنواهي، فلا يجوز تجاوز ما أحله إلى ما حرمه، وما أمر به إلى ما نهى عنه.

ثم حذر وأوعد المخالفين الذين يعتدون على أحكام الشرع، ويفعلون ما لا ينبغي فعله، ويتعدون حدود الله، ووصفهم بأنهم الظالمون، ولا ظالم غيرهم.

ثم أبان تعالى حكم الطلاق الثالث الذي تصبح المرأة بعده بائنا بينونة كبري، فقال: فإن طلقها بعد الطلقتين السابقتين، فلا تحل له أبدا من بعد هذا الطلاق الثالث، حتى تتزوج من آخر زواجا شرعيا صحيحا يقصد به الدوام والاستمرار دون أن يقصد به مجرد تحليل المرأة المطلقة لزوجها، ولا بد في الزواج الثاني من الدخول الحقيقي بالمرأة (أي الجماع) عملا بما رويناه سابقا في قصة رفاعة، التي

رواها الشافعي وأحمد والبخاري ومسلم بعبارة أخرى مشهورة عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالت: إني كنت عند رفاعة، فطلقني فبتّ طلاقي، فتزوجني عبد الرحمن بن الزبير، وما معه إلا مثل هدبة الثوب، فتبسم النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وقال: «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك» (٢).

فإن طلقها الزوج الثاني بنحو طبيعي، وانقضت العدة، فيجوز للزوج الأول أن يعقد عليها عقدا جديدا، إن كان في ظنهما أنهما يقيمان حقوق الزوجية


(١) رواه أحمد عن أبي هريرة
(٢) العسيلة: هي أقل ما يكون من غشيان الرجل المرأة.

<<  <  ج: ص:  >  >>