للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واضح. وهذا بعد ما تقدم من التقرير البليغ الدال على من هو على الهدى، ومن هو في الضلال.

وهذا الإبهام أبلغ من التصريح؛ لأنه في صورة الإنصاف المسكت للخصم، وهو تلطف بهم في الدعوة إلى الإيمان إذا وفقوا له.

{أَجْرَمْنا} أذنبنا، أو وقعنا في الجرم، وهو الذنب. {وَلا نُسْئَلُ عَمّا تَعْمَلُونَ} لأنا بريئون منكم. {يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا} يوم القيامة. {ثُمَّ يَفْتَحُ} أي يحكم، والفتاح: الحاكم؛ لأنه يفتح طريق الحق ويظهره، وبعد الحكم يدخل تعالى أهل الحق والإيمان الجنة، وأهل الباطل والكفر النار. {وَهُوَ الْفَتّاحُ} الحاكم بالحق. {الْعَلِيمُ} بما يحكم به وبما يتعلق بحكمه وقضائه من المصالح.

{قُلْ: أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ} أي أعلموني بالدليل وجه الشركة في استحقاق العبادة، وهو استفسار عن شبهتهم بعد إلزام الحجة عليهم، زيادة في تبكيتهم. {كَلاّ} كلمة للزجر عن كلام أو فعل صدر من المخاطب، والمراد هنا: ردع لهم عن اعتقاد شريك لله تعالى.

{بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} الموصوف بالغلبة وكمال القدرة، والحكمة الباهرة في تدبيره لخلقه، فلا يكون له شريك في ملكه.

{وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ} أي وما أرسلناك إلا للناس جميعا عربهم وعجمهم، و {كَافَّةً} مانعا لهم، من الكف وهو المنع عن الكفر ودعوتهم إلى الإسلام، أو جامعا لهم بالإنذار والإبلاغ، من الكف بمعنى الجمع، والتاء للمبالغة، والمعنى على الأول: إلا إرسالة عامة لهم محيطة بهم؛ لأنها إذا شملتهم فقد كفتهم أن يخرج منها أحد، وعلى الثاني: إلا جامعا للناس في الإبلاغ والإنذار، وهو حال من الكاف، ولا يجوز جعله حالا من {لِلنّاسِ} لأن تقدم حال المجرور عليه ممنوع كتقدم المجرور على الجار. {بَشِيراً وَنَذِيراً} مبشرا للمؤمنين بالجنة، ومنذرا للكافرين بالعذاب. {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ} ذلك، فيحملهم جهلهم على مخالفتك، فهم لا يعلمون ما عند الله وما لهم من النفع في إرسال الرسل.

{وَيَقُولُونَ: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} أي ويقول المشركون من فرط‍ جهلهم: متى يكون هذا الوعد بالعذاب الذي تعدوننا به يا محمد وصحبه، وهو قيام الساعة، أخبرونا به إن كنتم صادقين فيه. والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين. {مِيعادُ يَوْمٍ} وعد يوم أو زمان وعد، وهو يوم البعث أو القيامة. {لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ} أي هذا الميعاد المضروب لكم لا تتأخرون عنه ولا تتقدمون عليه، بل يكون لا محالة في الوقت الذي قدّر الله وقوعه فيه. وهو جواب تهديد جاء مطابقا لما قصدوه بسؤالهم من التعنت والإنكار.

<<  <  ج: ص:  >  >>