{قُلْ: مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} لجلب المنفعة، تمشيا مع أهداف العامة الذين لا يعبدون المعبود إلا لدفع الضرر أو لجلب المنفعة، أما الخواص فيعبدون الله لأنه يستحق العبادة لذاته.
وبعد إثبات التوحيد، أبان الله تعالى عموم الرسالة المحمدية للناس جميعا، فليست ذات نزعة عنصرية، ولا حكرا على العرب وحدهم، فقال تعالى:{وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ} أي وما أرسلناك أيها النبي لقومك العرب خاصة، بل أرسلناك للناس قاطبة، عربهم وعجمهم، أبيضهم وأسودهم وأحمرهم، مبشرا من أطاع الله بالجنة، ومنذرا من عصاه بالنار، كما قال تعالى:{قُلْ: يا أَيُّهَا النّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً}[الأعراف ١٥٨/ ٧] وقال سبحانه: {تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً}[الفرقان ١/ ٢٥].
وفي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه مرفوعا:«أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي.. وذكر منها: وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة».
وفي الصحيح أيضا:«بعثت إلى الأسود والأحمر».
إلا أن أكثر الناس لا يعلمون بعموم الرسالة، ولا بمهمة التبشير والإنذار، ولا بخطورة ما هم عليه من الضلال والجهالة، ولا بالنفع في إرسال الرسل، ولا ما عند الله من الجزاء، كما قال تعالى:{وَما أَكْثَرُ النّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}[يوسف ١٠٣/ ١٢] وقال سبحانه: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ}[الأنعام ١١٦/ ٦].
وبعد بيان التوحيد ثم الرسالة، ذكر الحشر، فأخبر تعالى عن استبعاد الكفار قيام الساعة وأجاب عنه، فقال:
{وَيَقُولُونَ: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} أي ويقول المشركون