الأدلة والحجج المذكورة في القرآن، الذين يحسبون أنهم يفوتون الله بأنفسهم، فلا يقدر عليهم، فأولئك تحضرهم الزبانية في نار جهنم، وهذا إشارة أيضا إلى دوام العذاب، كما قال تعالى:{كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها}[السجدة ٢٠/ ٣٢] وكما قال تعالى: {وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ}[الانفطار ١٦/ ٨٢].
٥ - كرر الله تعالى للتأكيد أنه هو وحده باسط الرزق ومضيقه لمن يشاء، على وفق ما يرى من الحكمة والمصلحة لعباده، فيا أيها المغترون بالأموال والأولاد: إن الله يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء، فلا تغتروا بالأموال والأولاد، بل أنفقوها في طاعة الله، فإن ما أنفقتم في طاعة الله فهو يخلفه عليكم، والله تعالى يرزق من خزائن لا تفنى، وهو الرازق على الحقيقة، والناس مجرد وسطاء ورزقهم منقطع، قال تعالى:{إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات ٥٨/ ٥١].
٦ - ما دلت عليه الآية:{فَهُوَ يُخْلِفُهُ}
والحديث المتقدم المتفق عليه عن أبي هريرة مرفوعا:«قال: قال الله عز وجل: «أنفق أنفق عليك»: فيه إشارة إلى أن الخلف في الدنيا عن النفقة إذا كانت النفقة في طاعة الله، وقد لا يكون الخلف في الدنيا فيكون كالدعاء لتكفير الذنوب أو ادخار الثواب في الآخرة.
روى الدارقطني عن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كل معروف صدقة، وما أنفق الرجل على نفسه وأهله، كتب له صدقة، وما وقى به الرجل عرضه (١) فهو صدقة، وما أنفق الرجل من نفقة فعلى الله خلفها إلا ما كان من نفقة في بنيان أو معصية».
أما ما أنفق الشخص في معصية فلا خوف أنه غير مثاب عليه، ولا مخلوف له. وأما البنيان فما يكون منه ضروريا يكنّ الإنسان ويحفظه فذلك مخلوف
(١) مثل إعطاء الشاعر وذي اللسان لتوقي الذم والقدح والهجاء.