ولا يعاقب إلا بأسباب موجبة للعقاب، وأهم الأسباب التي استحق بها المشركون نار جهنم: الطعن بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، وبالقرآن المجيد، وبالدين والإسلام نظام البشرية الأمثل، وقانونها الأعدل والأحكم.
٢ - لا حجة للمشركين في الإشراك بالله إلا تقليد الأسلاف واتباع الآباء والأجداد، دون حجة عقلية ولا برهان منطقي مقبول.
٣ - ليس للمشركين ما يعتمدون عليه أيضا من الأدلة النقلية، فليس لهم كتاب يقرءون فيه بطلان ما جاء به النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يسمعوا شيئا عن دينهم من رسول بعث إليهم، فلا وجه لتكذيبهم ولا شبهة يتمسكون بها، كشبهة أهل الكتاب وإن كانت باطلة، الذين يقولون: نحن أهل كتاب وشرائع، ومستندون إلى رسل من رسل الله.
والخلاصة: أنه ليس للمشركين على شركهم حجة عقلية ولا نقلية.
٤ - لم يبق أمام موقف أولئك المشركين المتشدد المعاند إلا توعدهم على تكذيبهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والقرآن بما حلّ من العذاب بالأمم الغابرة كعاد وثمود، الذين كانوا أشد من أهل مكة المشركين بطشا، وأكثر أموالا وأولادا، وأوسع عيشا، فأهلكهم الله، بل إنهم ما بلغوا عشر ما أوتي من قبلهم من تلك الأمم.
٥ - وبجانب الوعيد فهناك للكلمة المتأنية والفكرة الهادئة دور حيوي، لذا دعاهم الله تعالى أيضا إلى إعمال الفكر، لا بنحو جماهيري جماعي غوغائي، وإنما بطريق ثنائي أو فردي يدعو إلى الهدوء والتروي والمناقشة المنطقية المقبولة، وذلك في توحيد الله مصدر السعادة، وفي حقيقة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، بدراسة تاريخ حياته المعاصرة لهم، فهل جربوا عليه كذبا، أو رأوا فيه جنونا وخللا عقليا، وهل في أحواله وتصرفاته من فساد وشذوذ وانحراف، وهل كان يتردد إلى من يدّعي العلم بالسحر، وهل تعلّم الأقاصيص وقرأ الكتب، وهل عرفوه طامعا في