وفي موطأ مالك: بلغه أن أبا هريرة كان يقول إذا أصبح، وقد مطر الناس: مطرنا بنوء الفتح، ثم يتلو هذه الآية:{ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ، فَلا مُمْسِكَ لَها}.
وبعد بيان كونه تعالى مصدر الخلق والرزق والنعم، أمر بتذكر نعمه والإقرار بالتوحيد فقال:
{يا أَيُّهَا النّاسُ، اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ، هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ، لا إِلهَ إِلاّ هُوَ، فَأَنّى تُؤْفَكُونَ} أي يا أيها الناس قاطبة، تذكروا نعم الله عليكم، وارعوها، واحفظوها بمعرفة حقوقها والاعتراف بها، وأفردوا موجدها بالعبادة والطاعة، فهو وحده رازقكم من السماء بالمطر، ومن الأرض بالنبات وغير ذلك، وأعلنوا توحيد الله وأنه لا إله إلا هو، وإذا أقررتم بذلك، فكيف بعد هذا البيان ووضوح البرهان تصرفون عن الحق: وهو توحيد الله وشكره، وتعبدون بعد هذا الأنداد والأوثان؟! وبعد تقرير الأصل الأول وهو التوحيد، قرر الله تعالى الأصل الثاني وهو الرسالة، فقال مسلّيا رسوله صلّى الله عليه وسلّم عن تكذيب قومه:
{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ، فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ، وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} أي وإن يكذّبك يا محمد هؤلاء المشركون، ويعارضونك فيما جئت به من التوحيد، بعد إثباته بالأدلة والبراهين، فتأسّ بمن سلف قبلك من الرّسل، فإنهم أيضا جاؤوا قومهم بالبيّنات وأمروهم بالتوحيد، فكذبوهم وخالفوهم، ومصير