{وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها، وَغَرابِيبُ سُودٌ} أي وخلق الجبال كذلك مختلفة الألوان كما هو مشاهد من بيض وحمر، وفي بعضها طرائق وهي الجدد مختلفة الألوان أيضا.
{وَمِنَ النّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ} أي وخلق أيضا خلقا آخر من الناس والدواب والأنعام التي هي الإبل والبقر والغنم مختلفة الألوان في الجنس الواحد، بل وفي النوع الواحد، وفي الحيوان الواحد، كاختلاف الثمار والجبال. وقوله:{مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ}، أي خلق مختلف ألوانه، كما قال تعالى:
{وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ}[الروم ٢٢/ ٣٠]. والدواب: كل ما دب على القوائم، و {الْأَنْعامِ} من باب عطف الخاص على العام. وكلمة {كَذلِكَ} هنا تمام الكلام، أي كذلك تختلف أحوال العباد في الخشية.
وإنما ذكر سبحانه اختلاف الألوان والأصباغ في هذه الأشياء؛ لأن هذا الاختلاف من أعظم الأدلة على قدرة الله وبديع صنعه، فذكر أولا اختلاف الألوان في ثمار النبات، ثم ذكر اختلاف الألوان في الجمادات، ثم في الناس والحيوان.
أخرج الحافظ أبو بكر البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: أيصبغ ربك؟ قال صلّى الله عليه وسلّم: نعم صبغا لا ينفض، أحمر وأصفر وأبيض».
ثم ذكر مستأنفا من يعرف جمال ذلك ودقائقه وهم العلماء فقال:
{إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ، إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} أي إنما يخاف الله بالغيب العالمون به، وبما يليق به من صفاته الجليلة وأفعاله الجميلة، ومنها عظيم قدرته على صنع ما يشاء وفعل ما يريد، فمن كان أعلم بالله، كان أخشاهم له،