إخلاص العبادة للذي خلقني، وإليه المرجع والمآل يوم المعاد، فيجازيكم على أعمالكم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
وفي هذا ترغيب بعبادة الله وترهيب من عقابه، ثم أكد سلامة منهجه وتقريعهم على عبادة الأصنام، فقال تعالى:
{أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً، إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً، وَلا يُنْقِذُونِ}؟ هذا استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع، يراد به: لن أتخذ من دون الله آلهة، فأعبدها وأترك عبادة من يستحق العبادة، وهو الذي فطرني وخلقني، فإنه إن أرادني الرحمن بسوء لم تنفعني شفاعة هذه الأصنام التي تعبدونها، ولا تخلصني من ورطة السوء، فإنها لا تملك من الأمر شيئا؛ إذ إنها لا تملك دفع الضرر ولا منعه، ولا جلب النفع، ولا تنقذ أحدا مما هو فيه.
{إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي إن اتخذت هذه الأصنام آلهة من دون الله، فإني في الحقيقة والواقع في خطأ واضح، وجهل فاضح، وانحراف عن الحق.
وهذا تعريض بهم، ثم صرح بإيمانه تصريحا لا شك فيه مخاطبا الرسل:
{إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} أي إني صدقت بربكم الذي أرسلكم، فاشهدوا لي بذلك عنده.
روي عن ابن عباس وكعب ووهب رضي الله عنهم: أنه لما قال ذلك، وثبوا عليه وثبة رجل واحد، فقتلوه، ولم يكن له أحد يمنع عنه. وقال قتادة:
جعلوا يرجمونه بالحجارة، وهو يقول: اللهم اهد قومي، فإنهم لا يعلمون، فلم يزالوا به حتى مات رحمه الله.