للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يعتبر الحنفية، والمالكية أخذا بما روى ابن القاسم عن مالك (١): أن الآية جاءت لتحديد مدة الرضاع المحرّم، فذهب أبو حنيفة إلى أن مدة الرضاع ثلاثون شهرا، وقال زفر: ثلاث سنين، وذهب المالكية في الصحيح إلى أن ما قرب من زمان الفطام عرفا لحق به، وما بعد عنه خرج عنه، من غير تقدير.

قال القرطبي (٢): والصحيح الأول، لقوله تعالى: {وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ} وهذا يدل على ألا حكم لما ارتضع المولود بعد الحولين.

وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا رضاع إلا ما كان في الحولين» (٣) فهذا الخبر مع الآية والمعنى ينفي رضاعة الكبير، وأنه لا حرمة له.

واستنبط‍ العلماء من هذه الآية ومن قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} أقل مدة الحمل، فإنه إذا أسقطت مدة الرضاع من ثلاثين شهرا، يكون الباقي ستة أشهر، وهي أقل المدة.

وأرشدت الآية: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ.}. إلى وجوب نفقة الولد على الوالد لضعفه وعجزه. والمراد بالمولود له: الذي ولد له، والذي يعبر به عن الواحد والجمع. ويجوز في العربية القول: «وعلى المولود لهم» كقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} [يونس ٤٢/ ١٠].

والنفقة الواجبة من الطعام والكسوة (اللباس) هي بالمعروف أي بالمتعارف في عرف الشرع من غير تفريط‍ ولا إفراط‍. والإنفاق يكون على قدر غنى الزوج وحال الزوجة في رأي المالكية.


(١) قال مالك: الرضاع: الحولين والشهرين بعد الحولين.
(٢) تفسير القرطبي: ١٦٢/ ٣
(٣) قال الدارقطني: لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل، وهو ثقة حافظ‍.

<<  <  ج: ص:  >  >>