{وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ} أي والله هو الجدير بالعبادة، لأنه الخالق، خلقكم وخلق تلك الأصنام التي تعملونها بأيديكم. وفيه دلالة على أن الله خلق الإنسان وخلق أعماله.
روى البخاري عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا قال:
«إن الله تعالى يصنع كل صانع وصنعته».
فلما قامت عليهم الحجة لجؤوا إلى الانتقام بالقوة والإيذاء، فقالوا:
{قالُوا: اِبْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ} أي ابنوا له بنيانا واسعا واملؤوه حطبا كثيرا، وأضرموا فيه النار، ثم ألقوه في تلك النار المسعرة.
{فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً، فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ} أي أرادوا به سوءا بحيلة ومكر، وإحراقه في النار، فأنجيناه منها، وجعلناها بردا وسلاما عليه، ولم تؤثر فيه أدنى تأثير، وجعلنا له النصر والغلبة، وجعلناهم المهزومين المغلوبين الأذلّين حيث أبطلنا كيدهم.
ولما نجا إبراهيم عليه السلام ونصره الله على قومه، وأيس من إيمانهم قرر الهجرة ومفارقتهم، كما قال تعالى:
{وَقالَ: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ} أي إني مهاجر من بلد قومي الذين آذوني، تعصبا للأصنام، وكفرا بالله، وتكذيبا لرسله، إلى حيث أمرني بالمهاجرة إليه، حيث أتمكن من عبادته، وإنه سيهديني إلى ما فيه صلاح ديني ودنياي، وهو الأرض المقدسة بالشام.
وهذا دليل على وجوب الهجرة من المكان إلى مكان آخر، إذا لم يتمكن المؤمن من إقامة شعائر دينه.