منها أو هو آت ما يلام عليه، من ترك قومه بغير إذن ربه، وكان عليه أن يصبر على أذى قومه. والخروج بغير إذن الله كبيرة على الأنبياء، لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين.
{فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أي لولا أنه كان في حياته من الذاكرين الله كثيرا، المسبحين بحمده، المصلين له، للبث ميتا في بطن الحوت، وصار له قبرا إلى يوم القيامة، لأن العادة أن يهضم كسائر أنواع الغذاء.
جاء في الحديث الصحيح الذي ذكره النووي في الأربعين النووية عن ابن عباس في رواية غير الترمذي:«تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة» وكما كان مسبّحا ربه في حياته، سبح الله في بطن الحوت، كما قال عز وجل:
{فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} ألقيناه، بأن جعلنا الحوت يلقيه، في مكان خال ليس فيه شجر ولا نبت ولا بناء، على جانب دجلة، وهو عليل الجسم ضعيف البدن، كهيئة الصبي حين يولد.
{وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} أي أنبتنا عليه شجرة فوقه تظلل عليه هي شجرة الدّبّاء وهو القرع، وهذا سريع النمو، وقدرة الله تجعل الشيء كن فيكون. ذكر بعضهم في القرع فوائد: منها سرعة نباته، وتظليل ورقه لكبره ونعومته، وأنه لا يقربها الذباب، وجودة تغذية ثمرته، وأنه يؤكل نيئا ومطبوخا بلبّه وقشره أيضا. وقد ثبت أن رسول الله ص كان يحب الدباء، ويتتبعه من حواشي الصّحفة. وقد مكث يونس في هذه الحالة حتى اشتد لحمه ونبت شعره، ثم جاءه الأمر الإلهي: