للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب كفر المشركين هو:

{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ} أي إن هذا القرآن ذكرى لمن يتذكر، وعبرة لمن يعتبر، وإنما لم ينتفع به الكافرون، لأنهم في استكبار عنه، وترفع عن اتباع الحق، ومخالفة لله ولرسوله ص ومعاندة ومكابرة وحرص على المخالفة.

ثم خوّفهم ما أهلك به الأمم المكذبة قبلهم، فقال:

{كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ، فَنادَوْا، وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} أي قد أهلكنا قبلهم كثيرا من الأمم الخالية بسبب مخالفتهم للرسل وتكذيبهم الكتب المنزلة من السماء، فاستغاثوا وجأروا إلى الله تعالى حين جاءهم العذاب، فلم يجدهم شيئا، لأن الوقت ليس وقت خلاص وفرار من العذاب، كما قال تعالى:

{فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ، لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ، لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ} [الأنبياء ١٢/ ٢١ - ١٣] و {يَرْكُضُونَ} يهربون.

وقال سبحانه: {حَتّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ} [المؤمنون ٦٤/ ٢٣].

{وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ، وَقالَ الْكافِرُونَ: هذا ساحِرٌ كَذّابٌ} أي تعجب المشركون من بعثة محمد ص بشيرا ونذيرا، وبشرا رسولا من أنفسهم، وقال الكافرون لما رأوا معجزاته الباهرة: هذا ساحر خدّاع كذاب فيما يدعيه من النبوة، وينسبه إلى الله من الوحي.

ونظير هذه الآية قوله تعالى: {أَكانَ لِلنّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النّاسَ، وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ، قالَ الْكافِرُونَ: إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ} [يونس ٢/ ١٠].

وفي الآية دلالة على أن المشركين ذوي العزة والشقاق كذبوا الرسول ص من غير حجة وبرهان، وحسدا من عند أنفسهم، وطمعا في أن يكون الرسول ص

<<  <  ج: ص:  >  >>