يشوي الجلود، وماء بارد مؤلم لا يستطاع شربه لشدة برودته، أو هو ما سال من جلود أهل النار من القيح والصديد.
{وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ} أي ولهم أنواع أخرى من العذاب مثل الحميم والغساق، أشد كراهية وإيلاما كالزقوم، والصعود والسّموم، والزمهرير، يعاقبون بها، من الشيء وضده. فقوله:{أَزْواجٌ} أي ألوان من العذاب المختلفة المتضادة.
ثم وصف الله تعالى كلام أهل النار مع بعضهم بعضا، فقال:
{هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ، إِنَّهُمْ صالُوا النّارِ} أي تقول الطائفة التي تدخل قبل الأخرى إذا أقبلت التي بعدها مع الخزنة والزبانية: هذا جمع كبير داخل معكم، فلا مرحبا بهم، أي لا كرامة لهم، وهم يدخلون النار كما دخلناها، ويستحقونها كما استحققناها. والمراد من قولهم:{لا مَرْحَباً بِهِمْ} الدعاء عليهم. وهذا قول صادر من السادة أو الرؤساء والقادة عن الأتباع المنبوذين في الدنيا، والمراد به الإخبار من الله تعالى عن انقطاع المودة بين الكفار، بل إن المودة التي كانت بينهم تصير عداوة.
فيجيبهم الأتباع قائلين:
١ - {بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ، أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا، فَبِئْسَ الْقَرارُ} أي قال الأتباع للرؤساء: بل أنتم لا كرامة لكم، وأنتم أحق بهذا منا، فإنكم أضللتمونا ودعوتمونا إلى هذا المصير وأوقعتمونا فيه، فبئس المقر جهنم لنا ولكم. والمراد من هذا الكلام التشفي منهم، كما قال تعالى:{كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها}[الأعراف ٣٨/ ٧].
٢ - {قالُوا: رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النّارِ} أي قال الأتباع أيضا عن الرؤساء داعين عليهم: ربنا عاقب الذين أوردونا هذا المورد في