{ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ، وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ}، {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ، وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ}[الأنعام ١٤٣/ ٦] أي ذكر وأنثى لكل منها.
ج - {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ} أي يبتدئ خلقكم ويقدره في بطون أمهاتكم في مراحل متدرجة من الخلق، حيث يكون أحدكم أولا نطفة، ثم يكون علقة، ثم يكون مضغة، ثم يتكون العظام، ثم تكسى العظام باللحم والعروق والأعصاب، ثم تنفخ فيه الروح، فيصير إنسانا خلقا آخر في أحسن تقويم.
وتكون مراحل الخلق في ظلمات أغشية ثلاثة، هي ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة، والأغشية-كما يقول الأطباء-: هي الغشاء المنباري، والخربون، والغشاء اللفائفي.
ثم ذيّل هذه الآية كالآية السابقة بما يشير إلى الهدف وهو الإيمان بالموجد الخالق المنشئ، فقال تعالى:
{ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ، لَهُ الْمُلْكُ، لا إِلهَ إِلاّ هُوَ، فَأَنّى تُصْرَفُونَ} أي هذا الذي خلق السموات والأرض وما بينهما، وخلق الإنسان هو الرب المربي لكم، الذي له الملك الحقيقي المطلق في الدنيا والآخرة، الواحد الأحد الذي لا إله إلا هو، ولا يشاركه أحد فيه، فلا تنبغي العبادة إلا له، فكيف تصرفون عن عبادته، مع ما يوجب استحقاقه لها، إلى عبادة غيره؟ أو كيف تعبدون معه غيره، وكيف تتقبل عقولكم ذلك؟ ثم أبان الله تعالى أن ثمرة هذه العبادة لكم، والله غني على الإطلاق، فقال:
{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ} أي إن تكفروا بالله بعد توافر أدلة وجوده وتوحيده وقدرته، فإن الله هو الغني عما سواه من المخلوقات، كما قال