فيه في الدنيا من التوحيد والشرك، وسيحكم الله بينكم يوم القيامة، فينجي المؤمنين المخلصين الموحدين، ويعذب الكافرين الجاحدين المشركين المكذبين.
وقوله:{إِنَّكَ مَيِّتٌ.}. نعي أجل رسول ص وإعلام الصحابة بأنه يموت ولا يخلد في الدنيا، فقد كان بعضهم يعتقد أنه لا يموت، وهو أيضا حث لكفار قريش على انتهاز الفرصة، والمسارعة إلى الإيمان، وتلقي الوحي عن النبي ص، لأن إقامته فيهم قليلة، وليس خالدا بينهم.
وقوله:{ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} ليس خاصا بالمؤمنين والكافرين في التخاصم بينهم في الدار الآخرة، وإنما هي شاملة لكل متنازعين في الدنيا، فإنه تعاد عليهم الخصومة في الآخرة. وهو دليل على أن محمدا ص سيخاصم قومه ويحتج عليهم بأنه قد بلغهم الرسالة وأنذرهم، وهم يخاصمونه، ويعتذرون بما لا معنى له.
روى الترمذي-وقال: حسن صحيح-عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه السورة على رسول الله ص: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} قال الزبير رضي الله عنه: أي، رسول الله، أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا، مع خواص الذنوب؟ قال ص:
«نعم ليكررن عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه».
وروى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ص:
«أول الخصمين يوم القيامة جاران».
وروى الإمام أحمد أيضا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ص: «والذي نفسي بيده، إنه ليختصم حتى الشاتان فيما انتطحتا».
وروى الحافظ أبو بكر البزار عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله