الداعي إليه، فالحكم لله وحده دون غيره، ولا يحكم إلا بالحق وبمقتضى الحكمة، وهو المتعالي عن المماثل في ذاته وصفاته، والأكبر من أن يكون له مثل أو صاحبة أو ولد أو شريك، فقوله:{الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} دلالة على الكبرياء والعظمة.
ثم ذكر الله تعالى ما يدل على كمال قدرته وكبريائه وعظمته، فقال:
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ، وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً، وَما يَتَذَكَّرُ إِلاّ مَنْ يُنِيبُ} الله تعالى هو الذي يظهر لكم دلائل توحيده وعلامات قدرته، بما أودع في سمائه وأرضه من الآيات العظيمة الدالة على كمال خالقها ومبدعها ومنشئها، وهو سبحانه الذي ينزل لكم المطر الذي يخرج به من الزروع والثمار ما هو مشاهد بالحس من اختلاف ألوانه وطعومه وروائحه وأشكاله وألوانه، مع أنه من ماء واحد وتراب واحد، مما يدل على قدرته وعظمة صنعه، ولكن ما يتعظ ويعتبر بتلك الآيات الباهرة إلا من يرجع إلى ربه، بالتأمل والتفكر والنظر في آيات الله، ثم بالطاعة والإذعان إليه.
ولما قرر الله تعالى ما يوجب توحيده، صرح بالمطلوب وهو الإقبال بالكلية على الله تعالى، والإعراض عن غير الله، فقال:
{فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ} أي فأخلصوا لله وحده العبادة والدعاء، وخالفوا المشركين في مسلكهم ومذهبهم، ولو كره الكافرون منهجكم ذلك، فلا تلتفتوا إلى كراهتهم، ودعوهم يموتوا بغيظهم.
ثبت في الصحيح عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله ص كان يقول عقب الصلوات المكتوبات:«لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون».