يجؤه، وهذا يتلتله، وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا!! قال:
فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر، يضرب هذا، ويجأ هذا، ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول: ربي الله؟ ثم رفع-أي علي-بردة كانت عليه، فبكى حتى اخضلّت لحيته، ثم قال: أنشدكم، أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ فسكت القوم، فقال: ألا تجيبون؟ فو الله لساعة من أبي بكر خير من مثل مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه، فأثنى الله عليه في كتابه، وهذا رجل أعلن إيمانه، وبذل ماله ودمه».
ثم أورد مؤمن آل فرعون ست حجج أخرى مفصلة لتأييد رأيه، فقال تعالى:
١ - {وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ، وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} أي إن كان هذا الرجل كاذبا في دعوته، كان وبال كذبه وإثمه عليه يجازيه الله في الدنيا والآخرة، فاتركوه، وإن كان صادقا في دعواه يصبكم بعض الذي يعدكم به إن خالفتموه من العقوبة الدنيوية والأخروية، فاتركوه وقومه يدعوهم ويتبعونه.
وإنما قال:{بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} فلأنه ص كان يتوعدهم بعذاب الدنيا وبعذاب الآخرة، فإذا أصابهم عذاب الدنيا، فقد أصابهم بعض الذي يعدهم به.
والمراد أنه إذا لم يصبكم كل العذاب المتوعد به، فلا أقل من أن يصيبكم بعضه، وفي بعض ذلك هلاككم.
٢ - {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذّابٌ} أي لو كان موسى مسرفا في قوله، متجاوزا حده، كذابا في دعواه النبوة، لما هداه الله إلى البينات، ولا أيده بالمعجزات، ولو كان كاذبا على الله، خذله الله وأهلكه، فلا حاجة لكم إلى قتله.