الأنبياء، ومكروا لصدّ الناس عن الإيمان: إنا كنّا تابعين لكم، وقد أطعناكم فيما دعوتمونا إليه في الدنيا من الكفر والضلال، ودخلنا النار بسبب اتّباعكم، فهل تدفعون عنّا قسطا أو جزءا من العذاب، أو تتحملونه عنّا؟ فأجابهم الرؤساء بما حكاه تعالى:
{قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا: إِنّا كُلٌّ فِيها، إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ} أي قال المستكبرون للمستضعفين: إنا نحن وأنتم جميعا في جهنم، فكيف نغني عنكم؟ فلو قدرنا على دفع شيء من العذاب لدفعناه عن أنفسنا، إن الله قضى قضاءه العادل المبرم بين العباد، بأن فريقا في الجنة، وفريقا في السعير، وقسم بيننا العذاب بقدر ما يستحقه كلّ منّا، كما قال تعالى:{قالَ: لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ}[الأعراف ٣٨/ ٧].
ولما يئسوا من السادة اتّجهوا إلى خزنة جهنم يطلبون منهم الدعاء، فقال تعالى:
{وَقالَ الَّذِينَ فِي النّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ: اُدْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ} أي وقال أهل النار من الأمم الكافرة لسدنة جهنم وقوّامها (وهم الملائكة القائمون عليها لتعذيب أهل النار): ادعوا الله ربّكم لعله أن يخفف عنا مقدار يوم من العذاب، بأن تشفعوا لنا عند الله تعالى لتخفيف يسير، وذلك لما علموا أن الله عزّ وجلّ لا يستجيب منهم، ولا يستمع لدعائهم.
فردّت الخزنة عليهم موبّخين ملزمين لهم الحجة، كما قال تعالى:
أو ما جاءتكم الرسل في الدنيا بالحجج والأدلة الواضحة على توحيد الله، والتحذير من سوء العاقبة؟! {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا}[الزمر ٧١/ ٣٩].