حد من غير الله من الأصنام والأنداد والأوثان، حين جاءتني الأدلة النقلية والعقلية من عند ربي، وهي آي القرآن، وما أودع في العقول السليمة من البراهين الدالة على التوحيد، وأمرت أن أستسلم وأنقاد وأخضع لله رب العالمين، وأخلص له ديني. ومن الآيات التي تنهى عن عبادة الأوثان قوله تعالى:{أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ، وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ}[الصافات ٩٥/ ٣٧ - ٩٦].
ثم ذكر الله تعالى من دلائل الأنفس ما يدل على توحيد الله وهو كيفية تكون الإنسان ومراحل نشأته، فقال:
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ، ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ، ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ، ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً، ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ، ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً، وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفّى مِنْ قَبْلُ، وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى، وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي إن الله هو الذي خلق أباكم الأول آدم من التراب، وجعل ذريته أيضا من تراب، إذ كل مخلوق من المني ناشئ من الدم، والدم من الغذاء، والغذاء من النبات، والنبات من الماء والتراب، فثبت أن كل إنسان متكون من التراب، ثم صيّر الله ذلك التراب نطفة (منيا) ثم علقة (قطعة دم متجمدة) ثم ولدتم وأخرجتم أطفالا، ثم وصلتم إلى بلوغ الأشد أي مرحلة اكتمال القوة والعقل، ثم تصيرون شيوخا (والشيخ: من جاوز الأربعين).
ومن الناس من يتوفى من قبل الشيخوخة أو الشباب أو الولادة، وقد فعل ذلك لتبلغوا الأجل المحدود وهو وقت الموت أو يوم القيامة، واللام لام العاقبة أو الصيرورة، ولكي تعقلوا ما في هذا التدرج والتطور في المراحل المختلفة من دليل دال على قدرة الله البالغة على البعث وغيره، وعلى توحيد ربكم، في خلقكم على هذه الأطوار:
طور الاجتنان، وطور الطفولة، وطور بلوغ الأشد، وطور الشيخوخة،