وأجاز جمهور العلماء للمأموم الصحيح أن يصلي قائما خلف إمام مريض لا يستطيع القيام، لأن كلا يؤدي فرضه على قدر طاقته، تأسّيا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إذ صلّى في مرضه الذي توفي فيه قاعدا، وأبو بكر إلى جنبه قائما، يصلي بصلاته، والناس قيام خلفه.
والمشهور عن مالك: أنه لا يؤمّ القيّام أحد جالسا، فإن أمّهم قاعدا بطلت صلاته وصلاتهم،
لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«لا يؤمّنّ أحد بعدي قاعدا».
٦ - دلت آية {فَإِنْ خِفْتُمْ} على جواز الصلاة حالة القتال، أو الخوف الطارئة أحيانا، رجالا (مشاة) على الأقدام، وركبانا على الخيل والإبل ونحوها، إيماء وإشارة بالرأس حيثما توجه، ولا تبطل بالقتال، ويسقط استقبال القبلة. وهو مذهب الجمهور (مالك والشافعي وأحمد)، بدليل ظاهر الآية، ويؤيده ما
روي في الصحيح عن ابن عمر في حال الخوف:«فإن كان خوف أكثر من ذلك، صلوا قياما وركبانا، مستقبلي القبلة، وغير مستقبليها».
وذهب أبو حنيفة: إلى أن الصلاة تبطل بالقتال. لكن ظاهر الآية حجة عليه، وحديث ابن عمر يرد عليه.
واختلف العلماء في تحديد صفة الخوف الذي تجوز فيه الصلاة رجالا وركبانا: فقال الشافعي: هو إطلال العدو عليهم، فيتراءون معا، والمسلمون في غير حصن، حتى ينالهم السلاح من الرمي أو أكثر من أن يقرب العدو فيه منهم من الطعن والضرب، أو يأتي من يصدق خبره، فيخبر بأن العدو قريب منهم ويصف مسيرهم، جادّين فيه، فإن لم يكن واحد من هذين المعنيين، فلا يجوز له أن يصلي صلاة الخوف.
فإن صلوا بالخبر صلاة الخوف، ثم ذهب العدو، لم يعيدوا، وقال أبو حنيفة: يعيدون.