تُوعَدُونَ} أي تتنزل عليهم الملائكة بما يشرح صدورهم، ويدفع عنهم المخاوف والأحزان، كالبشارة بالنجاة في مواطن ثلاثة: عند الموت، وفي القبر، وعند البعث، وإزالة الخوف من أمور الآخرة، وإذهاب الحزن عما فاتهم من أمور الدنيا من أهل ومال وولد. وإذا أزيلت مخاوف المستقبل وأحزان الماضي، فقد زالت المضار والمتاعب بالكلية، وحدثت الطمأنينة والسعادة.
وتقول لهم الملائكة: أبشروا بدخول الجنة التي وعدتم بها في الدنيا على ألسنة الرسل، فإنكم واصلون إليها، مستقرون بها، خالدون في نعيمها.
ثم أخبر عما تقوله الملائكة للمؤمنين، فقال تعالى:
{نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ} أي نحن المتولون لحفظكم ومعونتكم في أمور الدنيا وأمور الآخرة، نسددكم ونوفقكم ونحفظكم بأمر الله، وكذلك نكون معكم في الآخرة، نؤنسكم من وحشة القبور، وعند النفخة في الصور، ونؤمّنكم يوم البعث والنشور، ونجاوز بكم الصراط المستقيم، ونوصلكم إلى جنات النعيم. وهذا من قول الملائكة أو من قول الله تعالى، وهو في مقابلة ما ذكر سابقا في وعيد الكفار حيث قال تعالى:{وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ}.
{وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ، نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} أي ولكم في الجنة من جميع ما تختارونه من صنوف اللذات وأنواع الطيبات، ومهما طلبتم وجدتم، وكل ما تتمنون حصلتم عليه، حال كونه معدا لكم ضيافة وعطاء وإنعاما، من غفور لذنوبكم، رحيم بكم، رؤف بأحوالكم، حيث غفر وستر، ورحم ولطف. وقد تقدم أن قوله:{وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ} أعم مما سبقه.