بالنفقة والسكنى حولا كاملا، وكان يجب على المرأة الاعتداد بالحول، فبيّن الله تعالى في هذه الآية أن ذلك غير واجب، على هذا التقدير، فالنسخ زائل.
أما الفقهاء: فذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد: إلى أنه لا يجب لها السكنى مدة الأربعة الأشهر والعشر في تركة زوجها، وتعتدّ حيث شاءت. وذهب مالك:
إلى أن لها السكنى مدّة العدّة إذا كان المسكن مملوكا للزوج، أو مستأجرا ودفع أجرته قبل الوفاة وإلا فلا، لحديث الفريعة وهو: ما
رواه مالك في موطئه عن زينب بنت كعب بن عجرة: أن الفريعة بنت مالك بن سنان، وهي أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أخبرتها: أنها جاءت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا، حتى إذا كان بطرف القدوم لحقهم، فقتلوه، قالت: فسألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أرجع إلى أهلي في بني خدرة، فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة، قالت:
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«نعم»، قالت: فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة، ناداني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو أمر بي، فنوديت له، فقال:«كيف قلت؟» فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، فقال:«امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله». قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، قالت:
فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي، فسألني عن ذلك، فأخبرته، فاتبعه وقضى به (١).
وأما بقية تفسير الآية فهو: فإن خرجن من تلقاء أنفسهن بعد مضي العدّة، فلا إثم عليكم أيها الورثة المخاطبون بتنفيذ الوصية، فيما فعلن في أنفسهن من المعروف شرعا وعادة كالخروج والتعرّض للخطّاب والزينة والتّزوج، ما دام ذلك
(١) رواه أيضا أبو داود والترمذي والنسائي من حديث مالك به، ورواه النسائي أيضا وابن ماجه من طرق عن سعد بن إسحاق به، وقال الترمذي: حسن صحيح.