وهذا تعريف لهم بمصدر الخير الحقيقي ودفع الضرر، لا أصنامهم الجمادات.
وأسباب ذلك قدرته الخارقة، فقال تعالى:
١ - {فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي خالقهما ومبدعهما من العدم، لا على مثال سبق، فهو الجدير بالعبادة.
٢ - {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً، وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} أي أوجد وخلق لكم من جنسكم نساء لتسكنوا إليها، ويحدث التكاثر والتوالد، ويستمر بقاء النوع الإنساني، وخلق أيضا للأنعام من جنسها إناثا، حتى تتكاثر موارد المعيشة لبني الإنسان. أو خلق من الأنعام أصنافا من الذكور والإناث، لذا قال:{يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} أي يبثكم ويكثركم به أي بجعل الأزواج سبيلا للتكاثر. وقوله:{فِيهِ} أي في هذا التدبير، وهو جعل الأزواج من الناس والأنعام، فكأن هذا الجعل منبع التكاثر ومصدره.
٣ - ٤ - {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} أي ليس مثل الله شيء في ذاته وصفاته وحكمته وقدرته وعلمه، ومن حكمته التكاثر بالتزاوج، وهو السميع لكل الأصوات، البصير بالأمور، يسمع ويبصر الأشياء كلها صغيرها وكبيرها، ظاهرها وخفيها. وهذه الآية حجة في نفي كونه تعالى جسما مركبا من الأعضاء والأجزاء، وحاصلا في المكان والجهة، إذ لو كان جسما لكان مماثلا لسائر الأجسام.
والآية أيضا حجة في نفي المثل لله تعالى.
أما قوله تعالى:{وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى}[الروم ٢٧/ ٣٠]، فلا يعني إثبات المثل، لأن المراد بالمثل: هو الذي يكون مساويا للشيء في تمام الحقيقة والماهية، والمثل: هو الذي يكون مساويا للشيء في بعض الصفات الخارجة عن