وبعد تقرير هذه الدلائل خوّف الله تعالى المنكرين بعذاب القيامة، فقال:
{وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ} أي وما يعلمك أيها الرسول والمخاطب أن مجيء الساعة عسى أن يكون قريبا حصوله. وفي هذا ترغيب باتباع شرع الله، وترهيب من القيامة، وطلب الاستعداد لها.
{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها} أي يتعجّل بقدوم الساعة الذين لا يصدّقون بها، قائلين استهزاء وإنكارا وتكذيبا وعنادا: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين؟ {وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ} أي والمؤمنون خائفون وجلون من وقوعها، ويعلمون أنها كائنة لا محالة، فهم عاملون من أجلها، مستعدون لها، كقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ}[المؤمنون ٦٠/ ٢٣].
ثبت في حديث متواتر أن رجلا سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بصورت جهوري، وهو في بعض أسفاره، فناداه، فقال: يا محمد، فقال له نحوا من صوته:«هاؤم»، فقال له: متى الساعة؟ فقال له:«ويحك إنها كائنة، فما أعددت لها؟» فقال: حبّ الله ورسوله، فقال صلّى الله عليه وسلّم:«أنت مع من أحببت» أو «المرء مع من أحب».
{أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} أي ألا أيها السامع، إن الذين يجادلون في وجود القيامة، ويخاصمون فيها مخاصمة شكّ وريبة، لفي جهل بيّن. وانحراف شديد عن الحقّ، ولو تفكّروا لعلموا أن الذي خلقهم ابتداء