للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العزيمة، وعدم الإيمان بالله ورسله، مع أن كثرتهم تدعو إلى الثبات، والشجاعة، والصمود، والدفاع عن النفس والحمى.

ولم يبيّن الكتاب الكريم عددهم وجنسهم وبلدهم، لأن المقصود هو العظة والاعتبار، وذكر جماعة من السلف أنهم قوم من بني إسرائيل أو في زمان بني إسرائيل وهم أهل قرية يقال لها: داوردان: قرية على فرسخ من قبل واسط‍، أو أهل أذرعات، خرجوا هاربين فرارا من الطاعون، وقالوا: نأتي أرضا ليس بها موت، فتمكن منهم العدو، ففتك بهم، وقتل أكثرهم، وفرّق شملهم، أو أنّ الله أماتهم دون قتال ثم أحياهم، ليعتبروا ويعلموا أنه لا مفرّ من حكم الله وقضائه.

وعلى التأويل الأول: لما فرّوا أماتهم الله ببطش أعدائهم وتنكيله بهم وتعذيبه لهم، ولم يكن تمكين العدو فيهم إلا بسبب جبنهم وتخاذلهم، ثم أحياهم الله بدعاء نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: حزقيل، فأحسّوا بخطئهم الفاحش، وكتّلوا صفوفهم، وقاتلوا عدوهم بإخلاص، واستعادوا عزّتهم وكرامتهم واستقلالهم.

وقيل عن الضّحّاك: هم قوم من بني إسرائيل دعاهم ملكهم إلى الجهاد، فهربوا، حذرا من الموت، فأماتهم الله ثمانية أيام ثم أحياهم، ليعرّفهم أنه لا ينجيهم من الموت شيء، ثم أحياهم وأمرهم بالجهاد بقوله تعالى: {وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ}. قال ابن عطية: وهذا القصص كلّه ليّن الأسانيد.

وقوله: {وَهُمْ أُلُوفٌ} فيه دليل على الألوف الكثيرة.

وقوله: {وَهُمْ أُلُوفٌ} فيه دليل على الألوف الكثيرة.

وقوله: {فَقالَ لَهُمُ اللهُ: مُوتُوا} قال فيه الزمخشري: معناه فأماتهم، وإنما جيء به على هذه العبارة، للدلالة على أنهم ماتوا ميتة رجل واحد، بأمر الله ومشيئته، وتلك ميتة خارجة عن العادة، كأنهم أمروا بشيء فامتثلوه امتثالا من غير إباء ولا توقّف، كقوله تعالى: {إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>