وهكذا فإن جميع العقوبات المدنية والجنائية في الإسلام تجب فيها المماثلة، فالقصاص مثلا من القاتل عمدا أو في الجروح واجب بقوله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ}[البقرة ١٩٤/ ٢] وقوله عز وجل: {وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ}[البقرة ١٩٤/ ٢] وقوله سبحانه: {وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ}[المائدة ٤٥/ ٥] لكن رغّب تعالى بالعفو في آخر الآية الأخيرة، فقال:{فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفّارَةٌ لَهُ} وهنا قال:
{فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ} أي من عفا عن الظالم المسيء، وأصلح بالود والعفو ما بينه وبين معاديه، فثوابه على الله، يعطيه جزاء أعظم، كما
قال صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة:«وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا».
{إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ} أي إنه تعالى لا يحب المبتدئين بالظلم، ولا يحب من يتعدى في الاقتصاص ويجاوز الحد فيه، لأن المجاوزة ظلم. والمراد أنه تعالى يعاقب المتجاوز حده. وهذا تأكيد لمطلع الآية في اشتراط المماثلة نوعا ومقدارا.