للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكما نفى الله السبيل عمن أحسن، فكذلك أثبتها على من ظلم (١).

١١ - اختلف العلماء في فرض الحاكم الرسوم والضرائب والأموال على الناس، هل يجوز الخلاص منها لمن قدر على ذلك، مع أنه يستوفي جميع المطلوب من الآخرين؟ قال سحنون من المالكية: لا، وقال أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي المالكي: نعم له ذلك إن قدر على الخلاص، لأن الظلم لا أسوة فيه، ولا يلزم أحد بظلم مخافة أن يضاعف الظلم على غيره، والله سبحانه يقول: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ}.

١٢ - اختلف العلماء في التحليل (٢) والمسامحة عن العرض والمال، فأجازه على العرض والمال سليمان بن يسار ومحمد بن سيرين من التابعين. ورأى مالك التحليل من المال دون العرض. ورأى سعيد بن المسيب: ألا يحلله بحال. وجه الرأي الأول: أنه حقه، فله أن يسقطه كما يسقط‍ دمه وعرضه. ووجه الرأي الثاني: أن التحليل في المال رفق، وفي العرض يتجرأ الظلمة ويغترون ويسترسلون في أفعالهم القبيحة.

ووجه الرأي الثالث: أنه تحليل ما حرّم الله، فيكون كالتبديل لحكم الله.

والصحيح الجواز بدليل قصة أبي ضمضم الذي كان قد استحل عرضه، أي سامح من يؤذيه ويشتمه،

فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: فيما روى مسلم في صحيحة: أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم؟ ١٣ - إن ثواب المال المأخوذ ظلما لصاحبه طوال حياته وإلى موته، ثم يرجع الثواب إلى ورثته، لأن المال يصير لهم بالإرث.


(١) أحكام القرآن: ١٦٥٨/ ٤.
(٢) التحليل هنا: أن يجعل من ظلمه في حلّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>