وهذا كله تسلية من الله تعالى لرسوله، ثم بيّن الله تعالى سبب إصرارهم على مذاهبهم الباطلة وهو طبع الإنسان، فقال:
{وَإِنّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ، فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ} أي وإننا إذا أعطينا الإنسان منا نعمة، وغمرناه بالرّخاء كالصّحة والأمن وسعة الرّزق، فرح بذلك، وإن أصيب الناس بسيئة، كجدب ونقمة، وبلاء وشدّة، ومرض أو فقر، بسبب ما اقترف من المعاصي والذنوب، فإن الإنسان جحود ما تقدّم من النّعم، ينساها ولا يذكرها بسبب الضّر الواقع عليه، ولا يعرف إلا الساعة الراهنة، فإن أصابته نعمة بطر وأشر، وإن أصابته محنة يئس وقنط. والكفور: المبالغ في كفران النّعم.
ويظهر أثر هذا في الواقع المتكرر من أكثر النّساء، كما
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للنّساء فيما أخرجه مسلم وابن ماجه عن ابن عمر:«يا معشر النّساء، تصدّقن، فإني رأيتكنّ أكثر أهل النار، فقالت امرأة: ولم يا رسول الله؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم:
لأنكنّ تكثرن الشكاية، وتكفرن العشير-الزوج-، لو أحسنت إلى إحداهنّ الدهر، ثم تركت يوما قالت: ما رأيت منك خيرا قطّ».
أما المؤمن الصالح فشأنه كما
قال صلّى الله عليه وسلّم فيما أخرجه أحمد ومسلم عن صهيب:
«إن أصابته سرّاء، شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء، صبر، فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن».
ثمّ حذّر تعالى من الاغترار بالدنيا، وما ملكه الإنسان من المال والجاه، فقال مبيّنا أن الكلّ ملك الله ونعم الله: