للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآية دليل على أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يكن قبل النّبوة متعبّدا بشرع ما.

وذهبت المعتزلة إلى أنه لا بدّ أن يكون على دين، ولكن عين الدّين غير معلومة عندنا. وهذا وإن كان جائزا عقلا، لكن ليس عليه دليل قاطع.

قال القرطبي: والذي يقطع به أنه صلّى الله عليه وسلّم لم يكن منسوبا إلى واحد من الأنبياء نسبة تقتضي أن يكون واحدا من أمته، ومخاطبا بكلّ شريعته، بل شريعته مستقبلة بنفسها، مفتتحة من عند الله الحاكم جلّ وعزّ. وأنه صلّى الله عليه وسلّم كان مؤمنا بالله عزّ وجلّ، ولا سجد لصنم، ولا أشرك بالله، ولا زنى، ولا شرب الخمر، ولا شهد السامر (١)، ولا حضر حلف المطيّبين (٢)، بل نزهه الله وصانه عن ذلك (٣).

ولكنه صلّى الله عليه وسلّم حضر حلف الفضول، فقال: «شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت».

٧ - لم يكن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قبل البعثة عالما بالقرآن، فهو أميّ لا يقرأ ولا يكتب، ولا بالإيمان، أي شرائع الإيمان ومعالمه، لا أصل الإيمان فإنه صلّى الله عليه وسلّم كان مؤمنا بالله عزّ وجلّ من حين نشأ إلى حين بلوغه، كما تقدّم.

٨ - إن القرآن العظيم الذي أوحى الله به إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم هو نور وهداية، يدعو ويرشد إلى دين قويم لا اعوجاج فيه، وهو دين الإسلام. والمقصود بالهداية: الدعوة إلى الدّين الحقّ وإيضاح الأدلّة.


(١) السامر: الموضع الذي يجتمعون فيه للسّمر.
(٢) حلف المطيبين: حدث حينما اجتمع بنو هاشم وبنو زهرة وتيم في دار ابن جدعان في الجاهلية، وجعلوا طيبا في جفنة وغمسوا أيديهم فيه، وتحالفوا على التّناصر والأخذ من المظلوم للظالم، فسمّوا المطيبين.
(٣) تفسير القرطبي: ٥٩/ ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>